كيفية أداء صلاة التهجد في العشر الأواخر وفضلها العظيم

1547076

مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، يسعى المسلمون إلى زيادة الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل، إذ تُعد هذه الأيام فرصة عظيمة لنيل الرحمة والمغفرة والعتق من النار. ومن أبرز العبادات التي يحرص عليها المسلمون خلال هذه الليالي المباركة صلاة قيام الليل وصلاة التهجد، والتي يكثر التساؤل حول الفرق بينهما، وهل هما عبادتان منفصلتان أم أن التهجد يُعد جزءًا من قيام الليل؟

ما هو قيام الليل؟

قيام الليل هو عبادة تشمل كل الأعمال الصالحة التي يؤديها المسلم خلال الفترة بين صلاة العشاء وأذان الفجر، مثل الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء. ويمكن أداؤه في أي وقت من الليل، سواء قبل النوم أو بعده. وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من الأدلة التي تحث على قيام الليل وتُبيّن فضله العظيم.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا” [الإسراء: 79]، مما يوضح أهمية هذه العبادة وعظيم شأنها. وتزداد هذه الفضيلة في شهر رمضان المبارك، خاصة في العشر الأواخر، حيث تتضمن هذه الأيام ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.

متى يكون وقت قيام الليل؟

يبدأ وقت قيام الليل بعد صلاة العشاء ويستمر حتى أذان الفجر. ويجوز للمسلم أن يؤديه في أي وقت خلال هذه الفترة، إلا أن أفضل أوقاته هو الثلث الأخير من الليل، حيث يكون الدعاء أقرب إلى الإجابة.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟” [رواه البخاري ومسلم].

الفرق بين قيام الليل وصلاة التهجد

على الرغم من أن صلاة التهجد تُعد جزءًا من قيام الليل، إلا أنها تتميز بخصوصية معينة، حيث يؤديها المسلم بعد أن يأخذ قسطًا من النوم ثم يستيقظ للصلاة. بينما قيام الليل يمكن أن يشمل أي صلاة أو عبادة تُؤدى خلال الليل دون اشتراط النوم قبلها.

وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية أن صلاة التهجد من أفضل أنواع قيام الليل لأنها تتطلب جهدًا أكبر، ويُستحب أداؤها في الثلث الأخير من الليل. ويبدأ المسلم بركعتين خفيفتين ثم يُكمل ما شاء من الركعات، ويُوتر في آخرها، اقتداءً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى” [متفق عليه].

كيفية تحديد وقت الثلث الأخير من الليل

يُحسب الثلث الأخير من الليل عن طريق تقسيم الوقت بين صلاة المغرب وأذان الفجر إلى ثلاثة أجزاء متساوية، ويكون الجزء الأخير هو الوقت الأنسب لصلاة التهجد، لما فيه من بركة واستجابة للدعاء.

حكم صلاة التراويح وارتباطها بقيام الليل

صلاة التراويح هي نوع من قيام الليل، لكنها تختص بشهر رمضان المبارك، وتُؤدى بعد صلاة العشاء وحتى وقت السحر. وقد أوضح العلماء أن السلف الصالح كانوا يؤدون التراويح 20 ركعة، وما يُصلى بعد ذلك حتى الفجر يُسمى تهجدًا.

وقد أشار الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إلى أن قيام الليل يشمل كل صلاة أو عبادة تُؤدى بعد العشاء، بينما التهجد يُشترط فيه النوم قبله، وكلاهما من العبادات العظيمة التي يُستحب الحرص عليها في شهر رمضان المبارك، خاصة خلال العشر الأواخر.

فضل قيام الليل وصلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان

تزداد أهمية قيام الليل وصلاة التهجد خلال العشر الأواخر من رمضان، حيث يُضاعف الأجر وتكون فرصة المسلم أكبر لنيل المغفرة والعتق من النار. كما أن هذه الليالي تتضمن ليلة القدر، التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها “خير من ألف شهر” [سورة القدر: 3].

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر أكثر من أي وقت آخر، فقد روت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله” [رواه البخاري ومسلم].

لذلك، يُستحب للمسلم أن يستغل هذه الليالي المباركة بالإكثار من قيام الليل وصلاة التهجد، والدعاء، والاستغفار، والاعتكاف، حتى ينال رضا الله وفضله العظيم.

وفي الختام، ندعو الله أن يوفقنا جميعًا لطاعته في هذه الأيام المباركة، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، وأن يرزقنا فضل ليلة القدر. تابعوا المزيد من المقالات المفيدة على موقع “اقرأها” للاستزادة بالمعلومات الإسلامية القيمة.