خطبة عيد الفطر المبارك 1446- 2025 التكبيرات اللَّهُ أَكْبَرُ

خطبة

عيد الفطر المبارك هو يوم الجائزة، يوم الفرح والسرور الذي يأتي بعد شهر كامل من الطاعة والعبادة. يترقب المسلمون هذا اليوم بقلوب تملؤها البهجة وهم يرددون تكبيرات العيد: “اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ”، إعلانًا بتمام نعمة الصيام وشكرًا لله على فضله.

في هذا اليوم العظيم، يجتمع المسلمون لأداء خطبة عيد الفطر المبارك 1446-2025، التي تحمل في طياتها معاني العيد السامية، من فرحٍ بالمغفرة، وبهجةٍ بالتكافل، وتذكيرٍ بضرورة تعزيز صلة الرحم وإسعاد المحتاجين. فالفرحة الحقيقية في العيد لا تكتمل إلا بمشاركة السعادة مع الآخرين ونشر روح المحبة والتسامح بين الجميع.

خطبة عيد الفطر المبارك 1446-2025

اللَّهُ أَكْبَرُ  اللَّهُ أَكْبَرُ  اللَّهُ أَكْبَرُ،

اللَّهُ أَكْبَرُ  اللَّهُ أَكْبَرُ  اللَّهُ أَكْبَرُ،

 اللَّهُ أَكْبَرُ  اللَّهُ أَكْبَرُ  اللَّهُ أَكْبَرُ،  وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

اللَّهُ أَكْبَرُ مَا اسْتَدَامَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ أَعْيَادُهُمْ، وَدَامَتْ لَهُمْ سَعَادَتُهُمْ، وَنَشَرُوا السُّرُورَ فِي مُجْتَمَعِهِمْ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، اللهم إنّا نوحدك ولا نحدُّك. ونؤمن بك ولا نكيفك. ونعبدك ولا نشبهك. ونعتقد أن من شبهك بخلقك ما عرفك. وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سيّدِنا وقرةِ أعينِنَا محمّدٍ، وَعَلَى ءادَمَ ونوح وَإِبْرَاهِيمَ، ومُوسَى وَعِيسَى، وَعَلَى سائر الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأزواجِه، وَمَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أما بعد فأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ عز وجَلَّ: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ)([1]).

أَيُّهَا السُّعَدَاءُ بِعِيدِ الْفِطْرِ السَّعِيدِ: اعلموا أنَّنَا فِي يومٍ عظيمٍ حرَّم اللهُ تعالَى علينَا فيهِ الصيامَ، وجعلَ الفرحَ والسرورَ فيهِ مِنْ شعائرِ الإسلامِ، إنَّهُ يومُ الجوائزِ لمن قَبِلَ اللهُ منهم الصيام، فقد رُوي في الحديث الشريف: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الطُّرُقِ، فَنَادَوْا: اغْدُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَبٍّ كَرِيمٍ يَمُنُّ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ يُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ، لَقَدْ أُمِرْتُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَقُمْتُمْ، وَأُمِرْتُمْ بِصِيَامِ النَّهَارِ فَصُمْتُمْ، وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ، فَاقْبِضُوا جَوَائِزَكُمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، نَادَى مُنَادٍ: أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ، فَارْجِعُوا رَاشِدِينَ إِلَى رِحَالِكُمْ، ‌فَهُوَ ‌يَوْمُ ‌الْجَائِزَةِ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمُ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْجَائِزَةِ[2] ».

أَيُّهَا السُّعَدَاءُ بِعِيدِكُمُ الْمُبَارَكِ: نُبَارِكُ لَكُمْ عِيدَكُمْ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ صِيَامَكُمْ وَقِيَامَكُمْ، وَجَعَلَكُمْ مِمَّنْ يَفْرَحُونَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ، وَيَحْمَدُونَهُ عَلَى نِعَمِهِ، فَبِحَمْدِ اللَّهِ تَدُومُ النِّعَمُ عَلَى الْحَامِدِينَ، وَبِشُكْرِهِ يَزِيدُ الْعَطَاءُ لِلشَّاكِرِينَ، قَالَ تَعَالَى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)([3])، وَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَمِنْ تَمَامِ شُكْرِهَا أَنْ تحفظهَا مِنَ الحرامِ.

اللَّهُ أَكْبَرُ   اللَّهُ أَكْبَرُ   اللَّهُ أَكْبَرُ،

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ  اللَّهُ أَكْبَرُ  وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اسْتِدَامَةَ النِّعَمِ تَشْمَلُ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَالْمُؤْمِنُ يَحْرِصُ عَلَى طاعةِ اللهِ، اقْتِدَاءً بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ كَانَ ‌عَمَلُهُ ‌دِيمَةً([4])، أَيْ: مُسْتَدَامًا، وَكَانَ يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ ‌مَا ‌دَاوَمَ ‌عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ قَلَّ»([5]).

وَفِي يَوْمِ عِيدِنَا هَذَا نُعَزِّزُ اسْتِدَامَةَ الرَّوَابِطِ الْأُسَرِيَّةِ، وَالْعَلَاقَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، فَنَغْرِسُ الْمَحَبَّةَ فِي مُجْتَمَعِنَا، وَنَتَبَادَلُ التَّهَانِيَ وَالزِّيَارَاتِ فِيمَا بَيْنَنَا، وَنَصِلُ أَرْحَامَنا، وَنُفْشِي السَّلَامَ، وَنَحْرِصُ عَلَى أَسْبَابِ الْمَوَدَّةِ وَالْوِئَامِ، وَجَمعِ الكلمةِ ووَحدةِ الصف على الحقّ والهدى، وَفِي ذَلِكَ شُكْرٌ عَمَلِيٌّ نَطْلُبُ بِهِ مِنَ اللَّهِ دَوَامَ النِّعَمِ.

أَيُّهَا الرَّاجُونَ مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى: لَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَنَا فِي رَمَضَانَ أَبْوَابَ مَغْفِرَتِهِ؛ بِالصِّيَامِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ؛ وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ ‌الْمَغْفِرَةِ)([6]) وقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَإِنِّي ‌لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)([7])، فاثبتْ أخي المسلم على طاعةِ اللهِ، واشَكُرْهُ عَلَى نَعْمَائِهِ، وَاحَمَدْهُ عَلَى عَطَائِهِ.

أيهَا المؤمنونَ: فِي مثلِ هذَا اليومِ الأغرِّ كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يلقَى أحدُهُمْ أخاهُ فيقولُ لهُ: تقبَّلُ اللهُ منَّا ومنْكَ.

وأذكركم إخوة الإيمان بزيارة القبور وقراءة القرءان عندها، وبصيام ستة أيام من شوال لقوله عليه الصلاة والسلام: « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ » رواه مسلم.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَيَّامَنَا سَعَادَةً، وَنِعَمَكَ عَلَيْنَا فِي زِيَادَةٍ، وانْشُرِ الْبَهْجَةَ فِي بُيُوتِنَا، وَاحْفَظْنَا فِي أَهْلِينَا وَأَرْحَامِنَا، وَأَعِدْ عَلَيْنَا رَمَضَانَ وَالْأَعْيَادَ بِالْخَيْرِ وَالرَّحَمَاتِ، وَالْيُمْنِ وَالْبَرَكَاتِ وَالسَّلَامِ، فأَنْتَ يَا رَبَّنَا السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَإِلَيْكَ السَّلَامُ، فَأَدْخِلْنَا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

التكبير في العيد:
يبدأ العيد بتكبيراتٍ تهزُّ القلوب وتلهج بها الألسن:
“اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ”
وهذه التكبيرات إعلانٌ عن الفرح بطاعة الله، واستشعارٌ لعظمته ورحمته بعباده.

عيد الفطر يوم الجائزة:
ورد في الحديث الشريف أن الله جعل هذا اليوم يوم الجوائز لمن أطاعه في رمضان، فقد وقفت الملائكة على أبواب الطرق تنادي المسلمين:
“اغْدُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَبٍّ كَرِيمٍ يَمُنُّ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ يُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ…”
وهذا يبيّن أن عيد الفطر ليس مجرد فرحة دنيوية، بل هو تتويجٌ لطاعاتٍ وقُرباتٍ تُقرّب العبد من ربه.

أهمية الشكر في العيد:
من أهم ما ينبغي للمسلم في هذا اليوم أن يشكر الله على نعمه، فبالشكر تدوم النعم، كما قال تعالى:
“لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”
ويكون الشكر بالتمسك بالطاعات، وحفظ النعم من الحرام، وتعزيز روابط الأخوة والمحبة بين الناس.

العيد وصلة الأرحام:
في يوم العيد، تتجلى القيم الإسلامية في تعزيز العلاقات الأسرية والاجتماعية، من خلال صلة الأرحام، وتبادل الزيارات، ونشر السلام والمودة بين الناس، وذلك تأكيدًا لقوله صلى الله عليه وسلم:
“أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ قَلَّ.”


عيد الفطر ليس مجرد احتفال، بل هو مناسبة عظيمة تُظهر فضل الله على عباده، وفرحة بطاعته، وتذكيرٌ باستمرار العمل الصالح بعد رمضان. فلنحرص على جعل هذا العيد بابًا لاستمرار الطاعة، ووسيلة لنشر الخير والمحبة بين الناس.

عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير!