اشعار نزار قباني في الحب :
- أتحبني وأنا ضريرة:
قالت لهُ
أتحبني وأنا ضريرة
وفي الدُّنيا بناتُ كثيرة
الحلوةُ و الجميلةُ و المثيرة
ما أنت إلا بمجنون
أو مشفقٌ على عمياء العيون
قالَ
بل أنا عاشقٌ يا حلوتي
ولا أتمنى من دنيتي
إلا أن تصيري زوجتي
وقد رزقني الله المال
وما أظنُّ الشفاء مٌحال
قالت
إن أعدتّ إليّ بصري
سأرضى بكَ يا قدري
وسأقضي معك عمري
لكن ..
من يعطيني عينيه
!! وأيُّ ليلِ يبقى لديه
و يومٍ جاءها مُسرِعا
أبشري قد وجدّتُ المُتبرِّعا
وستبصرين ما خلق اللهُ وأبدعا
وستوفين بوعدكِ لي
وتكونين زوجةً لي
ويوم فتحت أعيُنها
كان واقفاَ يمسُك يدها
رأتهُ
فدوت صرختُها
أأنت أيضاً أعمى؟ !!
وبكت حظها الشُؤمَ
قال
لا تحزني يا حبيبتي
ستكونين عيوني و دليلتي
فمتى تصيرين زوجتي؟
قالت
أأنا أتزوّجُ ضريرا
وقد أصبحتُ اليومَ بصيرا
فبكى
وقال سامحيني
من أنا لتتزوّجيني
ولكن
قبل أن تترُكيني
أريدُ منكِ أن تعديني
أن تعتني جيداً بعيوني
- حب بلا حدود :
يا سيِّدتي
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العامْ.
أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ..
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.
أنتِ امرأةٌ..
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
ومن ذهب الأحلامْ..
أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..
-2-
يا سيِّدتي
يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غاباتِ رخام..
يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..
وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.
لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..
-3-
يا سيِّدتي
لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.
أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.
سوف أحِبُّكِ..
عند دخول القرن الواحد والعشرينَ..
وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..
وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..
و سوفَ أحبُّكِ..
حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..
وتحترقُ الغاباتْ..
-4-
يا سيِّدتي
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..
ووردةُ كلِّ الحرياتْ.
يكفي أن أتهجى إسمَكِ..
حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..
وفرعون الكلماتْ..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..
وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..
-5-
يا سيِّدتي
لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ
لَن يتغيرَ شيءٌ منّي
لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ
لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ
لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ
حين يكون الحبُ كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحول هذا الحُبُّ
لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ…
-6-
يا سيِّدتي
ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني
لا الأضواءُ..
ولا الزيناتُ..
ولا أجراس العيد..
ولا شَجَرُ الميلادْ.
لا يعني لي الشارعُ شيئاً.
لا تعني لي الحانةُ شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ
يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.
-7-
يا سيِّدتي
لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ
حين تدقُّ نواقيس الآحادْ
لا أتذكرُ إلا عطرُكِ
حين أنام على ورق الأعشابْ
لا أتذكر إلا وجهُكِ..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..
وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..
-8-
ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
بين بساتينِ الأهدابْ…
-9-
ما يَبهرني يا سيِّدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..
أعانقُهُ..
وأنام سعيداً كالأولادْ…
-10-
يا سيِّدتي
ما أسعدني في منفاي
أقطِّرُ ماء الشعرِ..
وأشرب من خمر الرهبانْ
ما أقواني..
حين أكونُ صديقاً
للحريةِ.. والإنسانْ
-11-
يا سيِّدتي
كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..
وفي عصر التصويرِ..
وفي عصرِ الرُوَّادْ
كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً
في فلورنسَا
أو قرطبةٍ
أو في الكوفَةِ
أو في حَلَبٍ
أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ…
-12-
يا سيِّدتي
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ
حيث الحبُّ بلا أسوارْ
والكلمات بلا أسوارْ
والأحلامُ بلا أسوارْ
-13-
يا سيِّدتي
لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي
سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..
وأعنفَ مما كانْ..
أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ..
وفي تاريخِ الشعْرِ..
وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ…
-14-
يا سيِّدةَ العالَمِ
لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ
أنتِ امرأتي الأولى
أمي الأولى
رحمي الأولُ
شَغَفي الأولُ
شَبَقي الأوَّلُ
طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ…
-15-
يا سيِّدتي
يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى
هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..
هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..
كي أستوطنَ فيها..
قولي أيَّ عبارة حُبٍّ
حتى تبتدئَ الأعيادْ - حب استثنائي :
أكثر ما يعذبني في حبك..
أنني لا أستطيع أن أحبك أكثر..
وأكثر ما يضايقني في حواسي الخمس..
أنها بقيت خمساً.. لا أكثر
إن امرأةً إستثنائيةً مثلك
تحتاج إلى أحاسيس إستثنائيه..
وأشواقٍ إستثنائيه
ودموعٍ إستثنايه
إن امرأةً إستثنائيةً مثلك
تحتاج إلى كتبٍ تُكتب لها وحدها
وحزنٍ خاصٍ بها وحدها
وموتٍ خاصٍ بها وحدها
وزمنٍ بملايين الغرف
تسكن فيه وحدها
لكنني واأسفاه
لا أستطيع أن أعجن الثواني
على شكل خواتم أضعها في أصابعك
فالسنة محكومةٌ بشهورها
والشهور محكومةٌ بأسابيعها
والأسابيع محكومةٌ بأيامها
وأيامي محكومةٌ بتعاقب الليل والنهار
في عينيكِ البنفسجيتين
ِأكثر ما يعذبني في اللغة.. أنها لا تكفيك
وأكثر ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتبك
أنت امرأةٌ صعبه
كلماتي تلهث كالخيول على مرتفعاتك
ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيه
معكِ لا توجد مشكلة
إن مشكلتي هي مع الأبجديه
مع ثمانٍ وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة
واحدةٍ من مساحات أنوثتك
ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك
الجميل..
ِإن ما يُحزنني في علاقتي معك
أنك امرأةٌ متعددة
واللغة واحدة
فماذا تقترحين أن أفعل؟
كي أتصالح مع لغتي
وأزيل هذه الغربة
بين الخزف، وبين الأصابع
بين سطوحك المصقولة
وعرباتي المدفونة في الثلج
بين محيط خصرك
وطموح مراكبي
لاكتشاف كروية الأرض
3
ربما كنتِ راضيةً عني..
لأنني جعلتك كالأميرات في كتب الأطفال
ورسمتك كالملائكة على سقوف الكنائس
ولكني لست راضياً عن نفسي
فقد كان بإمكاني أن أرسمك بطريقة أفضل
وأوزع الورد والذهب حول إليتيك.. بشكلٍ أفضل
ولكن الوقت فاجأني
وأنا معلقٌ بين النحاس.. وبين الحليب
بين النعاس.. وبين البحر
بين أظافر الشهوة.. ولحم المرايا
بين الخطوط المنحنية.. والخطوط المستقيمه
ربما كنت قانعةً، مثل كل النساء،
ِبأية قصيدة حبٍ . تقال لك
أما أنا فغير قانعٍ بقناعاتك
فهناك مئاتٌ من الكلمات تطلب مقابلتي
ولا أقابلها..
وهناك مئاتٌ من القصائد
تجلس ساعات في غرفة الإنتظار..
فأعتذر لها..
إنني لا أبحث عن قصيدةٍ ما
لإمرأةٍ ما..
ِولكنني أبحث عن “قصيدتك” أنت..
4
إنني عاتبٌ على جسدي..
لأنه لم يستطع ارتداءك بشكل أفضل
وعاتبٌ على مسامات جلدي
لأنها لم تستطع أن تمتصك بشكل أفضل
وعاتبٌ على فمي..
لأنه لم يلتقط حبات اللؤلؤ المتناثرة على امتداد
شواطئك بشكلٍ أفضل
وعاتبٌ على خيالي
لأنه لم يتخيل كيف يمكن أن تنفجر البروق،
وأقواس قزح..
من عينين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامن عشر
بصورة رسميه..
ولكن.. ماذا ينفع العتب الآن
بعد أن أصبحت علاقتنا كبرتقالةٍ شاحبة،
سقطت في البحر..
لقد كان جسدك مليئاً باحتمالات المطر
ولكنني لم أكن ذكياً بما فيه الكفايه
لألتقط إشاراتك
ولم أكن مثقفاً بما فيه الكفايه..
لأقرأ أفكار الموج والزبد
وأسمع إيقاع دورتك الدمويه..
5
ِأكثر ما يعذبني في تاريخي معك
أنني عاملتك على طريقة بيدبا الفيلسوف
ولم أعاملك على طريقة رامبو.. وزوربا
وفان كوخ.. وديك الجن.. وسائر المجانين
عاملتك كأستاذ جامعي
يخاف أن يحب طالبته الجميله
حتى لا يخسر شرفه الأكاديمي
لهذا أشعر برغبةٍ طاغية في الإعتذار إليك
عن جميع أشعار التصوف التي أسمعتك إياها
يوم كنت تأتين إلي..
مليئةً كالسنبله
وطازجةً كالسمكة الخارجة من البحر
6
ِأعتذر إليك..
بالنيابة عن ابن الفارض، وجلال الدين الرومي،
ومحي الدين بن عربي
عن كل التنظيرات.. والتهويمات.. والرموز
والأقنعة التي كنت أضعها على وجهي، في
غرفة الحب..
يوم كان المطلوب مني
أن أكون قاطعاً كالشفرة
وهجومياً كفهدٍ إفريقي
ِأشعر برغبة في الإعتذار إليك
عن غبائي الذي لا مثيل له
وجبني الذي لا مثيل له
وعن كل الحكم المأثورة
التي كنت أحفظها عن ظهر قلب
وتلوتها على قلبك الصغيرين
فبكى كطفل معاقب.. ونام دون عشاء
7
أعترف لكِ يا سيدتي
أنكِ كنت امرأةً إستثنائيه
وأن غبائي كان استثنائياً..
فاسمحي لي أن أتلو أمامك فعل الندامة
عن كل مواقف الحكمة التي صدرت عني
فقد تأكد لي..
بعدما خسرت السباق
وخسرت نقودي
وخيولي..
أن الحكمة هي أسوأ طبقٍ نقدمه
لامرأةٍ نحبها..
- احبك احبك وهذا توقيعي :
هل عندك شكٌ أنك أحلى امرأةٍ في الدنيا؟.
وأهم امرأةٍ في الدنيا ؟.
هل عندك شك أني حين عثرت عليك . .
ملكت مفاتيح الدنيا ؟.
هل عندك شك أني حين لمست يديك
تغير تكوين الدنيا ؟
هل عندك شك أن دخولك في قلبي
هو أعظم يومٍ في التاريخ . .
وأجمل خبرٍ في الدنيا ؟
2
هل عندك شكٌ في من أنت ؟
يا من تحتل بعينيها أجزاء الوقت
يا امرأةً تكسر ، حين تمر ، جدار الصوت
لا أدري ماذا يحدث لي ؟
فكأنك أنثاي الأولى
وكأني قبلك ما أحببت
وكأني ما مارست الحب . . ولا قبلت ولا قبلت
ميلادي أنت .. وقبلك لا أتذكر أني كنت
وغطائي أنت .. وقبل حنانك لا أتذكر أني عشت . .
وكأني أيتها الملكه . .
من بطنك كالعصفور خرجت . .
3
هل عندك شكٌ أنك جزءٌ من ذاتي
وبأني من عينيك سرقت النار. .
وقمت بأخطر ثوراتي
أيتها الوردة .. والياقوتة .. والريحانة ..
والسلطانة ..
والشعبية ..
والشرعية بين جميع الملكات . .
يا سمكاً يسبح في ماء حياتي
يا قمراً يطلع كل مساءٍ من نافذة الكلمات . .
يا أعظم فتحٍ بين جميع فتوحاتي
يا آخر وطنٍ أولد فيه . .
وأدفن فيه ..
وأنشر فيه كتاباتي . .
4
يا امرأة الدهشة .. يا امرأتي
لا أدري كيف رماني الموج على قدميك
لا ادري كيف مشيت إلي . .
وكيف مشيت إليك . .
يا من تتزاحم كل طيور البحر . .
لكي تستوطن في نهديك . .
كم كان كبيراً حظي حين عثرت عليك . .
يا امرأةً تدخل في تركيب الشعر . .
دافئةٌ أنت كرمل البحر . .
رائعةٌ أنت كليلة قدر . .
من يوم طرقت الباب علي .. ابتدأ العمر . .
كم صار جميلاً شعري . .
حين تثقف بين يديك ..
كم صرت غنياً .. وقوياً . .
لما أهداك الله إلي . . 5
هل عندك شك أنك قبسٌ من عيني
ويداك هما استمرارٌ ضوئيٌ ليدي . .
هل عندك شكٌ . .
أن كلامك يخرج من شفتي ؟
هل عندك شكٌ . .
أني فيك . . وأنك في ؟؟
6
يا ناراً تجتاح كياني
يا ثمراً يملأ أغصاني
يا جسداً يقطع مثل السيف ،
ويضرب مثل البركان
يا نهداً .. يعبق مثل حقول التبغ
ويركض نحوي كحصان . .
قولي لي :
كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطوفان ..
قولي لي :
ماذا أفعل فيك ؟ أنا في حالة إدمان . .
قولي لي ما الحل ؟ فأشواقي
وصلت لحدود الهذيان .. .
7
يا ذات الأنف الإغريقي ..
وذات الشعر الإسباني
يا امرأةً لا تتكرر في آلاف الأزمان ..
يا امرأةً ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني
من أين أتيت ؟ وكيف أتيت ؟
وكيف عصفت بوجداني ؟
يا إحدى نعم الله علي ..
وغيمة حبٍ وحنانٍ . .
يا أغلى لؤلؤةٍ بيدي . .
آهٍ .. كم ربي أعطاني . .
- احبك جداً :
أحبك جداً
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل
وأعرف أنك ست النساء
وليس لدي بديـل
وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى
ومات الكلام الجميل لست النساء ماذا نقول
أحبك جدا
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى
وأنت بمنفى
وبيني وبينك
ريحٌ
وغيمٌ
وبرقٌ
ورعدٌ
وثلجٌ ونـار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ
وأعرف أن الوصول إليك
انتحـار
ويسعدني
أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني
لكررت حبك للمرة الثانية
يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً
وأعرف أني أسافر في بحر عينيك
دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض
أركض
أركض خلف جنونـي
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله لا تتركيني
لا تتركيني
فماذا أكون أنا إذا لم تكوني
أحبك جداً
وجداً وجداً
وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا
وما همني
إن خرجت من الحب حيا
وما همني
إن خرجت قتيلا
- ادمنت احزاني :
أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطُعِنْتُ آلافاً من المرات
حتى صار يوجعني بأن لا أُطعنا
ولُعنت في كل اللغات
وصار يُقلقني بأن لا أُلعنا
ولقد شُنقتُ على جدار قصائدي
و وصيَّتي كانت بأن لا أُدفنا
وتشابهت كل البلاد
فلا أرى نفسي هناكولا أرى نفسي هنا
وتشابهت كل النساءِ
فجسمُ مريمَ في الظلام .. كما منى
ما كان شِعري لُعبةً عبثيةً
أو نُزهةً قمريةً إني أقول الشعر ـ سيدتي ـ لأعرف من أنا
يا سادتي
إنّي أُسافِر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضنى
إني أفكرُ باختراع الماء
إنَّ الشعر يجعل كل حلم ممكنا
وأنا أفكر باختراع النهد
حتى تطلع الصحراء بعدي سوسنا
وأنا أفكر باختراع الناي
حتى يأكل الفقراء بعدي الميجنا
إنْ صادروا وطن الطفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا
يا سادتي
إنّ السماء رحيبةً جداً
ولكنَّ الصيارفة الذين تقاسموا ميراثنا
وتقاسموا أوطاننا
وتقاسموا أجسادنا
لم يتركوا شبراً لنا
يا سادتي
قاتلتُ عصراً لا مثيل لقُبحهِ
وفتحتُ جرح قبيلتي المُتعفنا
أنا لستُ مُكترِثاً بكل الباعة المتجولين
وكل كُتَّاب البلاط
وكلّ من جعلوا الكتابة حِرْفةً مثل الزنى
يا سادتي
عفواً إذا أقلقتكم
أنا لستُ مضطراً لأُعلن توبتي هذا أنا
هذا أنا
هذا أنا